متى أكون حازمة مع طفلي؟ ما هي سلوكات الطفل التي تستدعي مني التدخل والتصرف في الحين؟ وما نوع هذا التدخل؟ هل يعني ذلك عقاب الطفل لكي لا يكرر هذا السلوك ثانية؟ كلها تساؤلات سنجيب عنها في هذا المقال، تابعي القراءة عزيزتي.
تجدر الاشارة أولا أن هناك فرق بين الصرامة والحزم. الصرامة هي التأديب باللجوء الى التوبيخ، القسوة، التهديد والعقاب. أما الحزم فهو أن تضعي بالاتفاق مع شريكك بعض القواعد التي يجب أن يسير عليها طفلك، وعدم التراجع عنها. مع مراعاة مشاعر طفلك والحفاظ على الاحترام المتبادل بينكما.
ما هو نوع السلوك الذي يستدعي مني أن أكون حازمة مع طفلي؟
في سنوات الطفل الأولى، يميل الطفل الى التجربة والاكتشاف. لذلك تجدين طفلك يفتح خزانة الملابس، أو خزانة المطبخ، أو يحاول فتح الثلاجة واكتشاف ما بداخلها. كلها أمور قد تزعج الأم أحيانا، لكنه يقوم بذلك لارضاه فضوله.
هل هذه سلوكات تستدعي الحزم؟ الجواب هو لا. اتركي طفلك يلعب ويكتشف. صدقيني هذا لن يجعل منه طفلا فوضويا ولا طفلا مدللا، كما يعتقد البعض.
ليس المهم هو الحفاظ على المنزل مرتبا ونظيفا، بل المهم لديك هو تنمية مهارات طفلك. أو على الأقل امنحي طفلك ركنا خاصا في البيت، يتصرف فيه كما يشاء، يلعب، يرسم، يبعثر الأشياء، يرمي بألعابه على الأرض ويعيد ترتيبها بعد الانتهاء من اللعب… ببساطة طفلك يحتاج أن يشعر بالحرية والاستقلالية في المنزل طالما هو لا يؤدي أحدا، ولا يقوم بسلوك لا أخلاقي.
يكون الحزم واجبا اذا رأيت أن طفلك سيؤدي نفسه، كأن يريد الاقتراب من النار أو الامساك بأداة حادة، أو أن يؤدي أخاه مثلا. أو عندما يقوم بأخد شيء ما، ليس له من دون اذن صاحبه.
أيضا عندما ينتهي الوقت المخصص لمشاهدة التلفاز مثلا، ويصر طفلك على الاستمرار في مشاهدة عرض معين، فما عليك سوى غلق التلفاز وعدم الخضوع لرغبة طفلك مهما صدر منه. كذلك الأمر عندما يحين وقت الخلود الى النوم، وطفلك يرفض ذلك…
كلها مواقف تستدعي تدخلك،كيف ذلك؟ اجلسي في نفس مستوى طفلك، احضنيه واشرحي له الوضع جيدا، لا تقومي أبدا بالتراجع عن موقفك، رغم غضب الطفل وبكاءه. يكفي أن تلفتي انتباهه لشيء آخر ليتوقف عن البكاء.
هل أنت صارمة مع طفلك؟
يتم تعريف الآباء الصارمين على أنهم آباء يضعون العديد من القواعد التي لايجب خرقها. ويلجؤون للعقاب والتوبيخ والأوامر لتصحيح سلوك سيء قام به الطفل. يبرر معظم الآباء الصارمين اختيارهم لهذا الأسلوب بأنهم لا يريدون تربية أطفال مدللين، وأن الناس سوف يشيرون للطفل على أنه ليس مؤدبا…الخ.
أثبتت الدراسات أن هذا الأسلوب لايجدي نفعا مع الطفل، ولا يجعله يتصرف بشكل أفضل، كما أنه يؤثر سلبا على شخصيته وصحته النفسية.
تصرفي بحزم وليس بصرامة
على سبيل المثال، قام طفلك ذو أربع سنوات بأخد حقيبة أحد صديقاتك وهي في زيارة لك في المنزل. أولا لايجب أن تصفي هذا الفعل بالسرقة وتقومي بتوبيخه. ولا أن تتركيه يفعل مايشاء بحجة أنه مازال طفلا صغيرا. يكفي أن تسأليه: هل هذه الحقيبة مِلك لك؟ سيجيبك لا. قولي له نحن لا نقترب من شيء ليس لنا. قم من فضلك باعادة الحقيبة الى خالتك واعتذر لها.
آثار الصرامة على شخصية الطفل
طفل غير سعيد
ان تربية الطفل المبنية على الصرامة تجعله يشعر أنه غير محبوب، وتؤدي به لاحقا الى مشاكل نفسية توصله غالبا الى الاكتئاب.
غضب وعصبية الطفل
غالبا ما يعاني الطفل الذي تلقى تربية صارمة من مشاكل سلوكية مثل التمرد والغضب والعدوانية والانحراف على الرغم من أن بعض الآباء يعتقدون أن التربية على الصرامة تنتج أطفالًا يتصرفون بشكل أفضل، إلا أن الدراسات تظهرالعكس تماما.
يتعلم الطفل بالقدوة. عندما يؤدب الآباء الطفل بالعقاب، والقوة، والتهديد، والألفاظ القاسية، فإنه يحتفظ بذلك في ذاكرته و يتصرف بنفس الأسلوب عندما يكون منزعجا. نتيجة لذلك، غالبا ما يكون الأطفال مندفعين وعدوانيين. فيلجأ الآباء الى معاقبتهم باستمرار.
كذب الطفل
عندما يتلقلى الطفل تربية صارمة فانه يتصرف بشكل جيد في المنزل، لكنه يتصرف بشكل مختلف عندما لا يكون الوالدان في الجوار. نظرًا لأن الأبوين لا يوفران بيئة آمنة للطفل للتصرف على طبيعته وارشاده في نفس الوقت. لذلك يجيد الطفل الكذب وإخفاء الأشياء حتى لا يقع في المشاكل.
طفل متنمر
عندما يفعل الطفل ما يريده الأبوين بدافع الخوف، فإنه يتعلم استخدام القوة والسلطة على الآخرين للحصول على ما يريد. وهذا تماما تعريف التنمر.
افتقاد الثقة في النفس
الطفل الذي تمت تربيته وفق قواعد صارمة يفتقر إلى تقدير الذات والثقة في اتخاذ القرارات لاحقا لأنه سيكون قلقا من اتخاد قرارات خاطئة، وخائفا من رد فعل الأشخاص من حوله.
تعرفي على: كيف أبني الثقة في النفس لدى طفلي؟
التأثير سلبا على علاقة الوالدين بالطفل
ان العمود الفقري للتربية هي تلك العلاقة التي سأبنيها مع طفلي، فمعظم الآباء يسألون عن العقاب أو كيفية تصحيح السلوك، لكنهم لا يفكرون في الأهم وهو كيف أبني علاقة إيجابية مع ابني؟ يجب أن نعلم أنه إذا كان هناك خلل في العلاقة مع الطفل، لا يمكن أن نعلمه أي مبادئ أو قيم.
المصادر: